فصل: تفسير الآيات (1- 10):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (10- 18):

{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14) إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18)}
{واهْجُرهم هَجْراً جَميلاً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: اصفح عنهم وقل سلام، قاله ابن جريج.
الثاني: أن يعرض عن سفههم ويريهم صغر عداوتهم.
الثالث: أنه الهجر الخالي من ذم وإساءة.
وهذا الهجر الجميل قبل الإذن في السيف.
{وذَرْني والمُكَذِّبينَ أُولي النّعْمةِ} قال يحيى بن سلام:
بلغني أنهم بنو المغيرة، وقال سعيد بن جبير: أُخبرت أنهم اثنا عشر رجلاً من قريش.
ويحتمل قوله تعالى: {أولي النّعْمةِ} ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه قال تعريفاً لهم إن المبالغين في التكذيب هم أولي النعمة.
الثاني: أنه قال ذلك تعليلاً، أي الذين أطغى هم أولوا النعمة.
الثالث: أنه قال توبيخاًً أنهم كذبوا ولم يشكروا من أولاهم النعمة.
{ومهِّلْهم قليلاً} قال ابن جريج: إلى السيف.
{إنّ لدينا أنْكالاً وجَحيماً} في {أنكالاً} ثلاثة أوجه:
أحدها: أغلالاً، قاله الكلبي.
الثاني: أنها القيود، قاله الأخفش وقطرب، قالت الخنساء:
دَعاك فَقَطّعْتَ أنكاله ** وقد كُنّ قبْلك لا تقطع.

الثالث: أنها أنواع العذاب الشديد، قاله مقاتل، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى يحب النكل على النكل، قيل: وما النكل؟ قال: الرجل القوي المجرب على الفرس القوي المجرب» ومن ذلك سمي القيد نكلاً لقوته، وكذلك الغل، وكل عذاب قوي واشتد.
{وطعاماً ذا غُصَّةٍ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه شوك يأخذ الحلق فلا يدخل ولايخرج، قاله ابن عباس.
الثاني: أنها شجرة الزقوم، قاله مجاهد.
{وكانت الجبالُ كَثيباً مَهيلاً} فيه وجهان:
أحدهما: رملاً سائلاً، قاله ابن عباس.
الثاني: أن المهيل الذي إذا وطئه القدم زل من تحتها وإذا أخذت أسفله انهال أعلاه، قاله الضحاك والكلبي.
{فأخَذْناه أَخْذاً وبيلاً} فيه أربعة تأويلات:
أحدهما: شديداً، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: متتابعاً، قاله ابن زيد.
الثالث: ثقيلاً غليظاً، ومنه قيل للمطر العظيم وابل، قاله الزجاج.
الرابع: مهلكاً، ومنه قول الشاعر:
أكْلتِ بَنيكِ أَكْلَ الضّبِّ حتى ** وَجْدتِ مرارةَ الكلإ الوبيل.

{فكيف تتّقونَ} يعني يوم القيامة.
{إن كفَرتم يوماً يجْعَل الولدان شيباً} الشيب: جمع أشيب، والأشيب والأشمط الذي اختلط سواد شعره ببياضه، وهو الحين الذي يقلع فيه ذو التصابي عن لهوه، قال الشاعر:
طرْبتَ وما بك ما يُطرِب ** وهل يلعب الرجلُ الأَشْيَبُ

وإنما شاب الولدان في يوم القيامة من هوْله.
{السماءُ مُنفطرٌ به} فيه أربعة أوجه:
أحدها: ممتلئة به، قاله ابن عباس.
الثاني: مثقلة، قاله مجاهد.
الثالث: مخزونة به، قاله الحسن.
الرابع: منشقة من عظمته وشدته، قاله ابن زيد.
{وكانَ وعْدُه مَفْعولاً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: وعده بأن السماء منفطر به، وكون الجبال كثيباً مهيلاً، وأن يجعل الولدان شيباً، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: وعده بأن يظهر دينه على الدين كله، قاله مقاتل.
الثالث: وعده بما بشّر وأنذر من ثوابه وعقابه.
وفي المعنى المكنى عنه في قوله (به) وجهان:
أحدهما: أن السماء منفطرة باليوم الذي يجعل الولدان شيباً، فيكون اليوم قد جعل الولدان شيباً، وجعل السماء منفطرة ويكون انفطارها للفناء.
الثاني: معناه أن السماء منفطرة بما ينزل منها بأن يوم القيامة يجعل الولدان شيباً، ويكون انفطارها بانفتاحها لنزول هذا القضاء منها.

.تفسير الآيات (19- 20):

{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}
{واللَّهُ يُقدِّرُ الليلَ والنهارَ} يعني يقدر ساعتهما، فاحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: تقديرهما لأعمال عباده.
الثاني: لقضائه في خلْقه.
{عَلِمَ أن لن تُحْصُوهُ} فيه وجهان:
أحدهما: لن تطيقوا قيام الليل، قاله الحسن.
الثاني: يريد تقدير نصف الليل وثلثه وربعه، قاله الضحاك.
{فتابَ عليكم} يحتمل وجهين:
أحدهما: فتاب عليكم من تقصيركم فيما مضى، فاقرؤوا في المستبقل ما تيسر.
الثاني: فخفف عنكم.
{فاقْرءُوا ما تيسّر مِنَ القُرآنِ} فيه وجهان:
أحدهما: فصلّوا ما تيسّر من الصلاة، فعبر عن الصلاة بالقرآن لما يتضمنها من القرآن.
فعلى هذا يحتمل في المراد بما تيسر من الصلاة وجهان:
أحدهما: ما يتطوع به من نوافله لأن الفرض المقدر لا يؤمر فيه بما تيسر.
الثاني: أنه محمول على فروض الصلوات الخمس لانتقال الناس من قيام الليل إليها، ويكون قوله {ما تيسر} محمولاً على صفة الأداء في القوة والضعف، والصحة والمرض، ولا يكون محمولاً على العدد المقدر شرعاً.
الثاني: أن المراد بذلك قراءة ما تيسر من القرآن حملاً للخطاب على ظاهر اللفظ.
فعلى هذا فيه وجهان:
أحدهما: أن المراد به قراءة القرآن في الصلاة فيكون الأمر به واجباً لوجوب القراءة في الصلاة.
واختلف في قدر ما يلزمه أن يقرأ به من الصلاة، فقدره مالك والشافعي بفاتحة الكتاب، لا يجوز العدول عنها ولا الاقتصار على بعضها، وقدرها أبو حنيفة بآية واحدة من أيّ القرآن كانت.
والوجه الثاني: أن المراد به قراءة القرآن من غير الصلاة، فعلى هذا يكون مطلق هذا الأمر محمولاً على الوجوب أو على الاستحباب؟ على وجهين:
أحدهما: أنه محمول على الوجوب ليقف بقراءته على إعجازه، ودلائل التوحيد فيه وبعث الرسل، ولا يلزمه إذا قرأه وعرف إعجازه ودلائل التوحيد منه أن يحفظه، لأن حفظ القرآن من القرب المستحبة دون الواجبة.
الثاني: أنه محمول على الاستحباب دون الوجوب، وهذا قول الأكثرين لأنه لو وجب عليه أن يقرأه وجب عليه أن يحفظه. وفي قدر ما تضمنه هذا الأمر من القراءة خمسة أقاويل:
أحدها: جميع القرآن، لأن اللَّه تعالى قد يسره على عباده، قاله الضحاك.
الثاني: ثلث القرآن، حكاه جويبر.
الثالث: مائتا آية، قاله السدي.
الرابع: مائة آية، قاله ابن عباس.
الخامس: ثلاث آيات كأقصر سورة، قاله أبو خالد الكناني.
{عَلِم أنْ سيكونُ منكم مَّرْضَى} ذكر الله أسباب التخفيف، فذكر منها المرض لأنه يُعجز.
ثم قال: {وآخرون يَضْرِبون في الأرض} فيه وجهان:
أحدهما: أنهم المسافرون، كما قال عز وجلّ: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة}.
الثاني: أنه التقلُّب للتجارة لقوله تعالى: {يبتغونَ من فضلِ اللَّه}، قاله ابن مسعود يرفعه، وهو قول السدي.
{وآخَرونَ يُقاتِلون في سبيل اللَّهِ} يعني في طاعته، وهم المجاهدون.
{فاقْرؤوا ما تيسّر منه} نسخ ما فرضه في أول السورة من قيام الليل وجعل ما تيسر منه تطوعاً ونفلاً، لأن الفرض لا يؤمر فيه بفعل ما تيسر منه.
وقد ذكرنا في أول السورة الأقاويل في مدة الفرض.
{وأقيموا الصلاة} يعني المفروضة، وهي الخمس لوقتها.
{وآتُوا الزكاةَ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها ها هنا طاعة اللَّه والإخلاص له، قاله ابن عباس.
الثاني: أنها صدقة الفطر، قاله الحارث العكلي.
الثالث: أنها زكاة الأموال كلها، قاله قتادة وعكرمة.
{وأقْرِضوا اللَّه قَرْضاً حَسَناً} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه النوافل بعد الفروض، قاله ابن زيد.
الثاني: قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، قاله ابن حبان.
الثالث: النفقة على الأهل، قاله زيد بن أسلم.
الرابع: النفقة من سبيل الله، وهذا قول عمر رضي الله عنه.
الخامس: أنه أمر بفعل جميع الطاعات التي يستحق عليها الثواب.
{تجدُوه عِندَ اللهِ} يعني تجدوا ثوابه عند الله {هو خيراً} يعني مما أعطيتم وفعلتم.
{وأعظم أجرا} قال أبو هريرة: الجنة.
ويحتمل أن يكون {أعظم أجرا} الإعطاء بالحسنة عشراً.
{واسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} يعني من ذنوبكم.
{إنّ اللَّه غَفورٌ} لما كان قبل التوبة.
{رحيمُ} بكم بعدها، قاله سعيد بن جبير.

.سورة المدثر:

.تفسير الآيات (1- 10):

{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)}
قوله تعالى: {يا أيها المدَّثِّر} فيه قولان:
أحدهما: يا أيها المدثر بثيابه، قاله قتادة.
الثاني: بالنبوة وأثقالها، قاله عكرمة.
{قم} من نومك {فأنذر} قومك عذاب ربك.
ويحتمل وجهاً ثالثاً: يا أيها الكاتم لنبوته اجهر بإنذارك.
ويحتمل هذا الإنذار وجهين:
أحدهما: إعلامهم بنبوته لأنه مقدمة الرسالة.
الثاني: دعاؤهم إلى التوحيد لأنه المقصود بها.
قال ابن عباس وجابر هي أول سورة نزلت.
{وثيابَك فَطِّهرْ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أن المراد بالثياب العمل.
الثاني: القلب.
الثالث: النفْس.
الرابع: النساء والزوجات.
الخامس: الثياب الملبوسات على الظاهر.
فمن ذهب على أن المراد بها العمل قال تأويل الآية: وعملك فأصلح، قاله مجاهد، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يحشر المرء في ثوبيه اللذين مات فيها» يعني عمله الصالح والطالح.
ومن ذهب إلى أن المراد بالثياب القلب فالشاهد عليه قول امرئ القيس:
وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ ** فسلّي ثيابي من ثيابكِ تنسلِ

ولهم في تأويل الآية وجهان:
أحدهما: معناه وقلبك فطهر من الإثم والمعاصي، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني: وقلبك فطهر من الغدر وهذا مروي عن ابن عباس، واستشهد بقول الشاعر:
فإني بحْمدِ الله لا ثوْبَ فاجر ** لبست ولا مِن غَدْرةٍ أَتَقَنّع.

ومن ذهب إلى أن المراد بالثياب النفس فلأنها لابسة الثياب، فكنى عنها بالثياب، ولهم في تأويل الآية ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه ونفسك فطهر مما نسبك إليه المشركون من شعر أو سحر أو كهانة أو جنون، رواه ابن أبي نجيح وأبو يحيى عن مجاهد.
الثاني: ونفسك فطهرها مما كنت تشكو منه وتحذر، من قول الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.
الثالث: ونفسك فطهرها من الخطايا، قاله عامر.
ومن ذهب إلى أن المراد النساء والزوجات فلقوله تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} [البقرة: 187] ولهم في تأويل الآية وجهان:
أحدهما: معناه ونساءك فطهر باختيار المؤمنات العفائف.
الثاني: الاستمتاع بهن من القبل دون الدبر، وفي الطهر دون الحيض، حكاهما ابن بحر.
ومن ذهب إلى أن المراد بها الثياب الملبوسة على الظاهر، فلهم في تأويله أربعة أوجه:
أحدها: معناه وثيابك فأنْقِ، رواه عطاء عن ابن عباس، ومنه قول امرئ القيس:
ثياب بني عَوفٍ طهارى نقيّةٌ ** وأَوْجُهُهُمْ عند المشاهد غُرّان

الثاني: وثيابك فشمّر وقصّر، قاله طاووس.
الثالث: وثيابك فطهر من النجاسات بالماء، قاله محمد بن سيرين وابن زيد والفقهاء.
الرابع: معناه لا تلبس ثياباً إلا من كسب حلال مطهرة من الحرام.
{والرُّجْزَ فاهْجُرْ} فيه ستة تأويلات:
أحدها: يعني الآثام والأصنام، قاله جابر وابن عباس وقتادة والسدي.
الثاني: والشرك فاهجر، قاله ابن جبير.
الثالث: والذنب فاهجر، قاله الحسن.
الرابع: والإثم فاهجر، قال السدي.
الخامس: والعذاب فاهجر، حكاه أسباط.
السادس: والظلم فاهجر، ومنه قول رؤبة بن العجاج.
كم رامنا من ذي عديد منه ** حتى وَقَمْنا كيدَه بالرجزِ.

قاله السدي: الرَّجز بنصب الراء: الوعيد.
{ولا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها، قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة، قال الضحاك: هذا حرمه الله تعالى على رسول وأباحه لأمته.
الثاني: معناه لا تمنن بعملك تستكثر على ربك، قاله الحسن.
الثالث: معناه لا تمنن بالنبوة على الناس تأخذ عليها منهم أجراً، قاله ابن زيد.
الرابع: معناه لا تضعف عن الخير أن تستكثر منه، قاله مجاهد.
ويحتمل تأويلاً خامساً: لا تفعل الخير لترائي به الناس.
{ولِربِّك فاصْبِرْ} أما قوله {وَلِرَبِّكَ} ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لأمر ربك.
الثاني: لوعد ربك.
الثالث: لوجه ربك.
وفي قوله {فاصْبِرْ} سبعة تأويلات:
أحدها: فاصْبِرْ على ما لاقيت من الأذى والمكروه قاله مجاهد.
الثاني: على محاربة العرب ثم العجم، قاله ابن زيد.
الثالث: على الحق فلا يكن أحد أفضل عندك فيه من احد، قاله السدي.
الرابع: فاصْبِرْ على عطيتك لله، قاله إبراهيم.
الخامس: فاصْبِرْ على الوعظ لوجه الله، قاله عطاء.
السادس: على انتظام ثواب عملك من الله تعالى، وهو معنى قول ابن شجرة.
السابع: على ما أمرك الله من أداء الرسالة وتعليم الدين، حكاه ابن عيسى.
{فإذا نُقِرَ في الناقُورِ} فيه تأويلان:
أحدهما: يعني نفخ في الصور، قاله ابن عباس، وهل المراد النفخة الأولى أو الثانية؟ قولان:
أحدهما: الأولى.
والثاني: الثانية.
الثاني: أن الناقور القلب يجزع إذا دعي الإنسان للحساب، حكاه ابن كامل.
ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أن الناقور صحف الأعمال إذا نشرت للعرض.